U3F1ZWV6ZTI0ODAwMzk0Mzg3MTM5X0ZyZWUxNTY0NjIzMzI5MDc3Ng==

حضارة الإسلام في الهند كيف كانت ؟

الإسلام في الهند

 كيف كانت حضارة المسلمين والإسلام في الهند ؟

ومن الذي فتح الهند ؟ وكيف كان الحكم ؟ وما هي اللغة التي كانوا يتحدثونها ؟ وما هو الاثر الذي خلفه المسلمين في الهند ؟
كل هذه التساؤلات سنحاول جاهدين ان نبحث عنها في هذا المقال .

حضارة الإسلام في الهند

كان الفاتحون الأول للهند من المسلمين العرب،ولاشك أنهم نقلوا إلى البلاد التي فتحوها واستقروا فيها دينهم ، وكثير من عاداتهم وتقاليدهم ولغتهم ، وقد انحسر الفتح الإسلامي العربي ، وانحصر على نقطة صغيرة في غرب الهند وهي السند ، فلم يكن لهذا العهد ملامح كبيرة ، وإن كان لا يمكن أن ننكر أثر ذلك في نواح متعددة ومنها لغتهم مثلا ، في اللغة السندية لا تزال تكتب بالحروف العربية وتضم كثيرا من اللغه العربيه،كما أن المسلمون فيها يمثلون الأغلبية الساحقة.

وبعد ذلك بقرون جاء المسلمون فاتحين على يد محمود الغزنوي ، ثم توالى فتح المسلمين،واطرد حكمهم للهند حتى انتهي بانتهاء حكم المغول بعد نحو ثمانية قرون ونصف قرن.

ولم يكن هؤلاء الفاتحون عربا،ولكنهم كانوا بلا شك مسلمين متحمسين للإسلام ، يحملون حضارة بلادهم في أفغانستان وفارس وبلاد ما وراء النهر،وهي حضارة يمكن أن نقول عنها في عمومها أنها حضارة فارسية ، ولو أن الحضارة الفارسية اندمجت مع الحضارة الإسلامية العامة،لكن هؤلاء كانوا فارسي اللغة والثقافة ، لأن الحضارة الفارسية كانت هي لغة المسلمين السائدة في تلك البلاد،هذا بجانب لغتهم الأصلية التي عرفوها من بيئاتهم الخاصة.

لذلك كانت اللغة الرسمية لهؤلاء الحكام هي اللغة الفارسية ، حتى بعد أن ولدت اللغة الاوردية وتكونت وأصبحت لغة رسمية كذلك ، فلم تتزحزح اللغة الفارسية عن مكانتها كثيرا،إذ ظلت لغة الحكام والارستقراطيين ، والعلماء والأدباء والشعراء من المسلمين وغيرهم ، والإنتاج الذهني الإسلامي في الهند في تلك العهود إنما عبرت عنه اللغة الفارسية ، حتى لنجد الكتب التي ترجمت من السنسكريتية والعربية في عهد هؤلاء الحكام ترجمت للفارسية،والكتب التي ألغت عنهم وفي عهدهم لغتها فارسية ، ولا عجب في ذلك ، ف اللغة الاوردية هي لغة حديثة العهد بالوجود عمرها نحو أربعمائة سنة،ومما لا شك فيه أنها لم تبلغ درجة النضج أو الكمال إلا بعد ذلك بكثير.

وكان هؤلاء الفاتحون مسلمين،وبعضهم كان حديث العهد بالإسلام مثل المغول،لأنهم أسلموا بعد أن غزوا البلاد الإسلامية،وازالوا الخلافة العباسية،وقد حكموا في الهند بلادا واسعة تدين بالوثنية منذ آلاف السنين،وكانت لهذه البلاد حضارة قديمة حافلة بأنواع المعارف والتقاليد،والمسلمون فيها كانوا قلة ولم يكن عندهم بلا شك ماكان للعرب الفاتحين دائما من الحماسة ل نشر الإسلام ولغته .

لذلك لم يكن هؤلاء الحكام من الأثر في نشر الإسلام ولغته وتقاليده مثل ما كان للعرب المسلمين ، ولم يلجأوا إلى القوة في جبر الهنود لاعتناق الإسلام،وهذا حسن ومطابق للاسلام،إلا أنهم لم يكونوا في جملتهم بسلوكهم ولا دعايتهم ذوي أثر كبير في جذب الهندوس للإسلام ومن هؤلاء الحكام من شذ عن الإسلام وتعاليمه مثل أكبر،لذلك نرى الأغلبية في البلاد التي كانت عاصمة الحكم الإسلامي غير مسلمة في دلهي واكرا،ونرى أغلبية سكان الهند غير مسلمين بالرغم من طول مدة الحكم الإسلامي لها،إذ ظل نحو ثمانية قرون ونصف قرن متتابعة.

ولكن مما لا جدال فيه أيضا أن المسلمين آثروا بدينهم وآدابهم وتقاليدهم في المجتمع الهندي في كل ناحية من ناحية من نواحيها ، وهذا أمر طبيعي في شعب يعيش عيشة واحدة،ويختلط عن قرب اختلاطا كييرا.

كتبت مجلة ثقافة الهند التي تصدرها الحكومة الهندية في عددها الصادر سنة 1956 مقالا تحت عنوان آثار الإسلام في الهند نقتطف منه ما يأتي لمناسبة هذا الموضوع .

لقد كان أكبر أثر لفكرة الإسلام الأخلاقية على المثقفين من الهندوس في تلك الحقبة هو عن طريق الفارسية،كواسطة تفاهم تأثرت هي الأخرى بدورها إلى حد كبير بالعربية،وعن طريق كتب التعاليم المقدسة التي ظهرت في عهد الإسلام،والنتيجة العظمي لهذا الأثر هو النمو التدريجي للاعتقاد المتسع في وحدانية الله،ونمو العقائد التوحيدية المحلية،والنتيجة الثانية هو خلق لغة جديدة وهي الاوردية التي أصبحت أكثر اللغات شيوعا في الهند.

وهناك آثار أخرى أكثر من أن تسرد بالتفصيل،إذ أنها تشمل دائرة بالغة الاتساع ، فأنت تراها في طراز المباني والبيوت والموسيقى والرسم والحرف والفنون وفي الهندام والألقاب والرياضة  ، وبالاختصار في حياة البلاد بأسرها.
Islam in India

ثم اخذ يسرد في تفصيل أثر هذه النواحي مما اكتفي هنا بإثبات فقرات منه حتى لا يطول بنا الحديث:


أما فن البناء فكان أكثر فروع الفن اجتذابا لاهتمام المسلمين ، فكان بناء المساجد والمقابر والقصور من أعظم مميزات عهود الحكام المسلمين الأوائل ، وتمثل النبوغ الفني للعمال في رسم الأشكال البديعة على الجدران،وتنمية التناسق والتناسب في الأبنية.

وقد عرض بابر ذوقا رفيعا في الرسم،ويقال انه احضر الى الهند تحفا مختارة من الرسوم التي استطاع جمعها من مكتبة اجداده من سلالة تيمورلنك،وقد نقل بعضها إلى إيران نادر شاه بعد غزوة الهند،ولكنها طيلة بقائها في الهند وتركت أثرا عظيما وخلقت دافعا جديدا لغن الرسم في الهند.

وقد برهن أكبر حفيد بابر علي أنه راعيه عظيم للفن من كل فروعه،وكان له أكثر من مائة مصنع للفنون والحرف ملحقة بالقصور الملكية،وكل منها كمدينة.

وقد بني مصنعا قرب القصر حيث كانت استديوهات والغرف الخاصة بالفنون الأرفع والأكثر شهرة،مثل الرسم والصياغة وصناعات الاقمشة والسجاجيد والستائر والأسلحة ، وكان أكبر يتردد عليها كثيرا ويراقب أعمال الذين يمارسون تلك الفنون.

يوجد عدد كبير من النماذج الهندسية البديعة في مختلف المتاحف الأوروبية ، ففي المكتب الهندي بلندن والمتحف البريطاني وبودليان في اكسفورد تحف بديعة نادرة للفن ، يصعب على العالم الغربي اعطاءها حقها من التقدير البالغ الروعة.

ويتصل بهذا الفن فن تزيين المسلمين للكتب الدينية والأدبية القديمة بحواش ذهبية مزخرفة،مما جعل الهندوس يقتبسون أيضا،وكان المسلمون هم الذين أحضروا الورق للهند.

وكذلك أدخل المغول فن تنسيق الحدائق والعناية بها،مما لا نزال نرى أثره في لاهور وسري نكر في كشمير ، وقد كان لهم ولع بجمال الطبيعة،حتى كانوا يسافرون المسافات الطويلة إلى بنجاب وكشمير،للتمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة،ولذلك كانوا يجتهدون دائما في إيجاد هذه المناظر في قصورهم وبساتينهم الخاصة والحدائق العامة.

بجوار ذلك بلغ الرقي في تنظيم الإدارة وضبط أداة الحكم حدا بقي الكثير منه معمولا به إلى عهد الإنجليز.

أما المكتبات وتنظيمها والعناية بها فقد كان للمسلمين شغف خاص بذلك،وعلى رأسهم ملوكهم وحكامهم،ولقد مات همايون على إثر اصابة حدثت له علي السلم وهو نازل من مكتبته التي كان يحب أن يقضي فيها كثيرا من وقته،كلما خلا من مشاغل الحروب وتنظيم الدولة.

وهكذا كان للمسلمين إثر واي اثر علي رقي الحياة في الهند في جميع مظاهرها التي تولوا الحكم فيها.
الإسلام في الهند


ويقول جوستاف لوبون في كتابه حضارة الهند

مارس المسلمون في الهند مثل النفوذ العميق الذي مارسوه في جميع أقطار العالم التي فتحوها،ولا أمة المسلمين كما أثبتنا في كتابنا تاريخ حضارة العرب،ولا تستثن الرومان من ذلك ،ففي مدة سلطان المسلمين الذي دام في الهند سبعة قرون غير فريق كبير من الهندوس دينه ولغته
وفنونه تغييرا عظيما وظل هذا التغيير باديا بعد زوال ملكهم...

ويقول الأستاذ مسعود عالم الندوي:

كان أهل الهند يعبدون ثلاثين مليونا من الالهة منذ قديم الزمان،فلما خالطوا المسلمين،وقرع سمعهم صوت الحق ترقت فكرتهم الدينية،وجعل مصلحتهم يغيرون شيئا فشيئا.

وأول من قام بالإصلاح شنْكرا جورج المولود سنة 786 والذي دعا إلى وحدة الوجود وعبادة معبود واحد وهو شيفا وهو إله الموت عندهم وكان ذلك زمن قدوم المسلمين إلى مليبار.

ثم يليه رامانجن الذي دعا إلى عبادة فشنو وهو إله الحياة عندهم وقد ولد هذا المصلح في القرن الحادي عشر.

ثم نهض رجال مثل كبير وكروناتك وجيتن الذين اقتبسوا من تعاليم الإسلام السامية ما يلائم هواهم وأسسوا دينا جديدا،ولا يزال دين نانك وأتباعه يدعون بالسيك لا يزال هذا الدين القائم على التوحيد منتشرا في البنجاب على الخصوص،واتباعه من أشجع الهنود،وهم أقرب إلى الإسلام منهم إلى الوثنية،لكن السياسة جعلتهم منحازين إلى الهنادك، ونايك هذا قرأ القرآن وزار بيت الله الحرام.

وقام في القرن السالف مصلح كبير في بنكال إسمه رام موهن راتي قرأ القرآن وتعلم العربية والفارسية والسنكسريتيه وبرع فيها ، ولما شاهد أن دين البراهمة لا يتمكن من مقاومة تيار العلم الحديث الذي يكاد يجرف البقية الباقية من حضارتهم أسس دينا جديدا سماه برهمو سماج،وأكثر تعاليم هذه الطائفة من التوحيد والمساواة ونكاح الايامي وغيرها مقتبسة من الإسلام،وقد مات سنة1833 وبدينه يدين طاغور فيلسوف الهند،وأكثر رجال الهنادك في بنكال.

وكذلك قام مصلح آخر ديانند في شمال البنجاب،ودعا بني قومه إلى التوحيد والمساواة،وأسس طائفة اريا سماج ، التي هي أشد أمم الهند عداوة للذين آمنوا،لكنهم مدينون للإسلام،ولو أنكر الجاحدون.

وقد كان تأثر الهندوس بالمسلمين في شمال الهند أكثر منه في جنوبها لأن الحكم الإسلامي لم يصل للجنوب إلا متأخرا،وكان الحكم الإسلامي يتبعه حتما الاختلاط الكثير بالمسلمين،وتأثر الهندوس تبعا لذلك..لذلك تجد جنوب الهند أعرق في عبادة الأوثان من شمالها،قال الميجر (ج.د.باسو) وهو من كبار مؤرخي الهنادك في العصر الحاضر.

هذه الوثنية الشنيعة والاعتقاد بالخرافات الضاربة اطنابها في جنوبي الهند،إنما يرجع سببها في انعدام نفوذ الحكومات الاسلامية لا غير.

وقال مؤرخ آخر هندوكي(السير ب.ش.رائ):

أثرت روح الإسلام الديمقراطية أيما تأثير في تقليل مفاسد نظام الطوائف بين الهنادك،فدب بذلك دبيب التسامح والتنوير في حياة البلاد الاجتماعية.
الإسلام في الهند

بجوار ذلك تأثر الهندوس بعبادات المسلمين وتقاليدهم،بل وملابسهم ومعيشتهم،فمن المعروف عن الهندوس البساطة التامة في معيشتهم بخلاف المسلمين الذين يعانون بالمظاهر كثيرا،وان كان ذلك الأثر لم يخرج الجميع عن البساطة التي هي شعار سكان الهند،وقد ادي طول حكم المسلمين إلى مشاركة الهندوس لهم في بعض مظاهر أعيادهم وفي بعض كلماتهم الدينية مثل بسم الله الحمد لله ان شاء الله السلام عليكم.الخ.

وحين انتشرت اللغة الاوردية أصبحت لغة المسلمين والهندوس على السواء،وفيها الكثير من الكلمات العربية. .

تعليقات
8 تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة